الاثنين، 31 أكتوبر 2016

القراءة تجربتنا الأولى والأخيرة



يقول عباس محمود العقاد؛"لست أهوى القراءة لأكبر ولاأهوى القراءة لأزداد عمرا في تقدير الحساب،بل أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا،وحياة واحدة لاتكفيني "،كما كتب العقاد عن تجربته في القراءة،فقد كانت سبيل كل الأدباء والعظماء نحو تسلق قمم العلم،وفي المقابل نجد الإنسان أصبح ينفر منها،بدواعي ودوافع لا تمت للغاية التي تسعى بها الإنسانية وهي المعرفة والنهضة.
ولو نظرنا إلى تجارب العلماء والأدباء في كيفية القراءة،لرأينا إختلافا عظيما،إلا أنه إجتمع على التمسك بالكتب كدليل نحو إكتشاف ذاتهم وطريق تفتح بها أبواب الثقافة أمامهم.
 جميع الأدباء،حملو الكتاب ،كما حملو أحلاهم ،بحب وشغف ؛
فقد روي عن أبوبكر الرازي أنه كان في كل مساء يضع سراجه في مشكاة حائط يواجهه وينام في فراشه على ظهره ممسكا بالكتاب،حتى إذا غلب عليه النوم،وهو يقرأ سقط الكتاب على وجهه ليوقظه حتى يكمل قرائته.
وأما الفيلسوف برناردشو والذي عان من الحرمان من التمدرس، فكان دافعا له  كبير للقراءة حتى يعوض هذا النقص،وكان يحتفظ في الكتاب بيده،حتى وهو يغير ملابسه.
وأما فيلسوف العرب إبن رشد فعكف على القراءة والكتابة ،إذ يروى عنه أنه لم ينقطع عن القراءة إلا في ليلتين ،إحداهما يوم وفاة والده،والثانية ليلة زواجه.
ولقد كان الإغريق يستعملون القراءة للعلاج،حتى كتبو على كبرى مكتباتهم"هذا مكان لشفاء الروح"،وإستمر التداوي بالقراءة فبعد الحرب العالمية الثانية،إستعملت كدروس أدبية تعطى للمجروحين والسجناء.
ولهذا فليس للقراءة طقوس معينة،تختبئ من ورائها،بل بالعكس القراءةهي فعل يقودنا نحو الإمتلاء الفكري والثقافي والإنساني.
ولقد تنوعت مصادر القراءة،بفعل الثورة التقنية التي شهدها العصر،وبدأ الإهتمام بها يقل وكان لعامل عصر السرعة دور في ذلك.
فبالرغم من إنتاج الكتاب الإلكتروني ،والذي بدأت بداياته في أوائل التسعينات،والذي عرفته إحدى دور النشر الإلكترونية على موقعها؛"بأنه أسلوب لقراءة الكتب والسجلات على شاشة الكمبيوتر بطريقة مذهلة ومريحة للقارئ"،وتكمن هذا الراحة،في سرعة تفحص الكتاب والإنتقال السلس بين محتواياته التي يقدمها،كما في خدمة العثور على الكتب عبر العالم ،عبر التحميل السريع،وفي المقابل نجد تخوفا من لدن نقاد الكتب الإلكترونية ،حول ماهية إندثار الكتاب الورقي،هذا الأخير الذي يعرف ولازال يعرف إهتماما لاينازعه عليه أحد،فقد وصفه عميد الأدب طه حسين "بزاد الشعب" لما يحويه من تجارب  ٱلاف السنين لمختلف الثقافات،والتجارب الإنسانية،وعمق صلته بالإنسان،والتي تناقلتها الأجيال،فهو الذي قيد به العلم ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم؛"قيدو العلم بالكتابة".
والقارئ الحقيقي لايختار طريقة قرائته،بل هي التي تختاره،إنه يراى أمورا يعينها قد حدثت في زمن ومكان ما،يبحث عن منافذ العلم،ويتتبع طريق الزاد،ليستنتج منها مايعينه على ركوب أمواج تجاربه في الحياة،وما الدافع  الأقوى للكتب هوجعلها مفتاح للذهن،تعينه على إكتشاف الحقائق والمعارف بنفسه.
علينا أن ندرك أنه بالرغم من تنوع أشكال القراءةومصادرها فإننا بحاجة إلى الإحساس أكثر بأهمية الكتب،وتذوقها والدخول في حياتها،وإستشعار جماليتها،والروح التي ستفصلنا عن الظلام وعن الجهل وتقودنا نحو النور والحياة التي سنعيشها بسعادة حتى وإن كثرت المحن وتفاقمت الأزمات،ففيها يقتذي الإنسان طريق الحق،يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور ؛"لم يمر بي أي محنة لم تخفها ساعة أقضيها في القراءة".

الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

حوار دار الأوطان الجزائرية للنشر والتوزيع ضمن معرض الجزائر الدولي للكتاب؛

حوار دار الأوطان الجزائرية للنشر والتوزيع ضمن معرض الجزائر الدولي للكتاب؛
إستطاعت معارض الكتب أن تسد الفراغ المتحكم في الساحة الثقافية،نتيجة إنهدام حركة التواصل الفكري التي لاتشهدها الحركة الأدبية إلا بمعارض الكتب،وبناء منظومة متماسكة لمشروع ثقافي ،يحكمه الفكر والإنجاز.
من هنا إمتزج تعزيز القراءة في المجتمع وتشجيعها بفتح أفاق عدة للتواصل الثقافي والفكري وإتاحة فرصة فريدة للقارئ العربي والجزائري بشكل خاص،للإطلاع على الإنتاجات الأدبية والفكرية العالمية،فكانت هذه أهم الأهداف   التي تأسس من أجلها معرض الجزائر الدولي للكتاب،كما لم يغيب عن غايته بأن يصنع من الكتاب وسيطا قويا نحو المعرفة والتلاقح الفكري بين مختلف الثقافات.
تحت شعار"الكتاب إتصال دائم"،تستعد الجزائر لإفتتاح صالونها الدولي للكتاب في دورته 21، والذي ينطلق إبتداءامن  26أكتوبر الجاري إلى غاية 5نوفمبرالمقبل، ،حيث تشارك فيه أكثر من 900دور نشر دولية،بينها ماهو أجنبي وماهو عربي،أما الجزائر التي تستضيف الدورة فقد شاركت ب 290دور نشر،كما تشهد حضور كتاب ومؤلفين كبار ،وتحتفي  الجزائر هذه الدورة  بمصر كضيف شرف في الصالون،وذلك تتويجا لها، بذكرى الراحل الأديب نجيب محفوظ  أول نوبل عربية.
ولما لهذا المعرض من دور أساس في الترويج وتشجيع الدار المحلية ،تشارك دار الأوطان الجزائرية للنشر والتوزيع،والتي يرأسها المؤلف الطاهر يحياوي،والذي يجيبنا عن أسئلة تدور حول الأديب والدار المحلية ومساهمتهما في إغناء معرض الكتاب.
سؤال :بداية أستاذ ماهي دار الأوطان وماهو حجم مشاركتها بالمعرض؟
الطاهر يحياوي:
دار الاوطان رسالة قبل ان تكون تجارة وراية تحمل في ابعادها العمق الحقيقي للإبداع من خلال تبنيها لأدباء شباب جدد لأنها تؤمن بان ميلاد مبدع واحد هو مؤسسة معرفية وإبداعية وإضافة نوعية عالية لمنظومة الكتاب والمبدعين الجزائريين.
دار الاوطان لمؤسسها الاديب الطاهر يحياوي الدي خاض تجربة ثرية من خلال الاعلام الأدبي في جريدة المساء والذي تولد عنه جموع من الكتاب والادباء هم الأن في واجهة الإبداع والثقافة الجزائري،ومن خلال تجربة بكر لرابطة إبداع حيث كان رئيسا لها والتي كانت قوة ميدانية ضاربة في الساحة الثقافية والإبداعية بشهادة من عايشوها والتي تركت بصمة قوية ومتميزة في الساحة الثقافية.
الأوطان هي نتاج معاناة طويلة وتجربة عميقة لانسان يؤمن بان الابداع رسلة خالدة وفاعلة هي الان انطلقت وفي رصيدها الان مايتجاوزال160اصدارا إبداعيا وهو رقم صغير ولكنه بالنسبة لعمرها ولساحة النشر الجزائري رقم يفرض إحترامه وهي الأن ماضية الى الأمام وقد باركها الطيبون والرائعون ولن تقتنع دون ان تكون في طليعة الناشر الجزائري.

سؤال:من خلال تجربتكم في معارض دولية،ماهي أبرز الصعوبات التي تواجه دور النشر المحلية،وهل حجم الدعم الثقافي كافي للحضور على مستويات ثقافية كبرى؟

الطاهر يحياوي: أبرزالصعوبات منها ماهو متعلق بالجانب الإعلامي فالصحافة الخاصة صحافة أصحاب الإشها ر الذين يجمعون الأموال ويكدسونها من باب الإشهار وهم يفتحون الأن قنوات تلفزيونية كالشروق والخبر يعتبرون الثقافة تجارة لذلك لايمدون ايديهم الى دعم الناشر الجزائري على اساس أنه تاجر ولابد أن يدفع لهم وإذا مر كتاب او مؤلف فهو قليل وقديكون لإعتبارات ما.
والجرائد الوحيدة التي لاتبخل عن الثقافة الجزائرية بكل انواعها  هي المساء والشعب والاحرار ولكن للاسف  وهي جرائد منها المساء والشعب حكوميتان  لأن هؤلاء الصحفيين الوجودين في هذه الجرائد مهنيون ويعتبرون خدمة الثقافة خدمة عمومية أما الأخرون فقليل منهم من يعترف بهذا ويعرف كيف يخدم الثقافة،
إذن فالإعلام هو المشكلة الأولى.
كماأضاف الكاتب الطاهر يحياوي حديثه عن الصعوبات:
أما المشكلة الثانية فهي قلة البيع لأن الناس عندما يأتون الى المعرض يتهافتون على الكتاب الاجنبي عربي او غير عربي ويقولون ان الكتاب الجزائري موجود عندنا سنشتري  فيما بعد وفيما بعد لايشترون.
ولهدا نحن نتوجه الى الجمهور الجزائري ونقول  لهم يا أيها الجزائريون الغيورون على الجزائر توجهوا الى اجنحة ناشريكم شجعوهم وقولوا لهم الكلمة الطيبة وادعموهم بما استطعتم  لاتحرجوهم امام الاجانب لأنهم هم الذين يبنون ثقافتكم الجزائرية وثقافة ابنائكم وهم الذين  يثرون مكتبتكم الجزائرية التي ترفه قيمتكم ومكانتكم أمام الاوطان الاخرى وتصبحون في يوم من الايام تقولون لهم إن في مكتبة الجزائر 10مليون كتاب او20مليون.
كما خاطب الجزائريين  ودعاهم إلى الإلتفاف حول الكاتب المحلي ودعمه في مواجهة هذه الصعوبات، حيث قال مخاطبا "  أين ذهب حب الجزائر أين ذهبت الغيرة الوطنية  إلتفتوا الى وطنكم واحضنوه أوليست الجزائر من سالت من اجلها الدماء الحمراء القانية هل أصبحتم تعشقون غيرها واباؤكم قدموا ارواحهم من اجل حبها وعشقها".
وفي سؤال حول مدى نجاح المعرض وتأثيره على المشهد الثقافي الجزائري؟

أجاب الكاتب الطاهر يحياوي :نجاح المعرض الحقيقي سيتجلى من خلال ارتفاع المقروئية وتخصيب الابداع الجزائري والثقافة الجزائري.
إن المعرض الدولي هو مدن من العلم والثقافة والحضارة ترحل إلينا كل عام تخاطبنا وتقدم ماعندها من فكر وإبداع وثقافة وعلم ونحن ندخل هذه المدن الروحية والفكرية التي تحط عندنا ونبدأ نتملى ونتعمق وناخد الكتب ونفهم ونزداد علما ومعرفة.
كما وصف المعرض الدولي  قائلا إن المعرض الدولي خلاصة الثقافة الدولية تأتي إلينا هنا الى بلادنا نأخذ منها نحاورها ونستفيد منها ثم تعود وفي نفس الموعد من كل عام تحمل الجديد وتعود لتعرضه علينا نأخد منه مانأخد ونترك مانترك ومن جهة اخرى هو لقاء لعمالقة الدنيا هاهو المتنبي يلتقي ب نيتشة وهاهو العقاد يلتقي ب برناردشو  وهاهو مالك بن نبي يلتقي بهم وهاهو ابن باديس يطل من هناك  إنه لقاء رائع ومدهش وأثار دلم تظهر مع الايام.

في الأخير ،تحت شعار "الكتاب إتصال دائم":هل في نظرك حققت معارض الكتاب السابقة هذا التواصل الفكري والثقافي بالمجتمع؟

الطاهر يحياوي:المعرض حقق الكثير ولو شكليا فقد أصبح الناس يعدون أنفسهم له ويضعون تاريخه في مفكراتهم لكن بصراحة هناك اشياء كثيرة لابد من إلحاقها ببرنامج المعرض حتى يصبح عرسا شعبيا وهي تلك الأفكار التي تدخله الى الجزائر العميقة الى الشيوخ والى النساء والاطفال وان تتعد فيه مظاهر الاحتفال ليس بالكتاب فقط بل باشياء انساني قريبة من عالم الروح ومشاعر الحب.
كما دعا إلى أن ؛" يكون عرس وطني واحتفالا عاما متنوعا لكل قضايا الروح والانسان حتى يغدو شعبيا ولا يبقى خاصا بفئة الكتاب والطلبة".
يشار إلى أن دار الأوطان ستدخل المعرض ب 60عنوان جديد،ولقاءات ونشاطات لتقديم مؤلفيها للزوار،كما تشارك بثلاث روايات في مسابقة ٱسيا جبار،وتشارك هذه الدور بأهم مؤلفاتها وهو كتاب "أردوغان"للكاتب والإعلامي سعيد مقداد.
شكرا للكاتب الطاهر يحياوي  على إتاحة الفرصة للتعرف أكثر على معرض الجزائر للكتاب.
 هذا الحوار لمجلة أنهار الأ