كذبة من حياتي
بدا الحديث لها سخيفا في بادئ الأمر،قالت لي تعقيبا على حوارنا؛إنني لاأعترف بأن هناك رجل يستحق الحب،القليل من الحب يكفي ياصديقتي،هناك عشق يؤذي إلى الوجع ،وعشق يستحق المحاربة من أجله ،الحياة مجرد كذبات متتالية ،ستؤلمنا في الأخير.
نظرت إلى ساعتي؛لقد تأخرت عن موعد المحامي عزيزتي نلتقي هذا المساء.
تركتها في المقهى الذي يجمعنا جميعا،كل الأصدقاء يترددون إليه،بما فيهم مصطفى،ترتشف قهوتها بحذز،وتقلب صفحات كتاب فلسفي لي نيتشه،لم أنتبه للعنوان بقدر ماإنتبهت للمؤلف...
دخلت وأنا أفكر بكل حديثنا،عن مصطفى وعن الحب،أفكر لماذا تريدني دائما ألا أتعلق بهذا العشق،الذي لم يكن وليد لحظة بل كان طوال عمري يحملني وأحمله،مصطفى عندما قدم طفلا صغيرا إلى حيينا،كان لايستمتع باللعب إلا معي،كان صديقي منذ الصغر،كان حبيبي أيضا،الحب ينبت أيضا في قلوبنا كأي نبتة أخرى على الأرض،إذا ماسقيناها لأجل العطاء نفعل كل شئ،،،،
تركت كل شئ،ورائي،كنت أعود إليه في كل لحظة،لم أنجح إلا معه،كان دوما ينتشلني من الضياع،يمسح دمعي،حتى عندما إكتفيت من الألم،وغادرت حياتي الأن كان معي،يخطو معي،في نفس الدرب،تزوجنا بعد معارضة أهله،إلا أنه صمم علي. ،أحبني كنت أعتقد!،،،،
نسرين صديقتي التي إلتقيتها بالجامعة،أربع سنوات كانت تشبه عشرين عام ،وكأننا ولدنا معا،نتشابه في أشياء كثيرة،إلا حبها للفلسفة والسياسة،وكان شيئا طبيعيا تخصصي كان طب بيطري،بينما هي علوم إنسانية،تقابلت طرقنا صدفة،،، عند مقهى الجامعة عندما كنا نشرب الشاي ونحضر للإمتحانات الأولى،أتت مع صديقة لنا،لكنها فيما بعد أصبحت صديقتي الوحيدة،أسلوبها الراقي،حديثها الممتع الذي لاينتهي،صراحتها معي،أصبحت صديقة كبيرة،وجودها بجانبي يختلف عن كثيرين،أجد أنني أرتاح كثيرا معها،،،
في ذات ليلة كنت قد دعوتها إلى العشاء إلتقت مع مصطفى للوهلة الأولى،في داخل كل إمرأة شئ من الغيرة،يدفعها للخوف،في تلك الليلة لم أكن موجودة بالمعنى المجازي،كانت تتحدث بطلاقة وعفوية كبيرة،معه كانت نظرة الإعجاب،بادية على وجهه،غادرته فقط عندما،همت للمغادرة إلى منزلها،،،
قال لي المحامي؛إن أوراق الطلاق قد تمت،ولا ينقص إلا توقيع الطرفين عليها،أمام القاضي،،،
خرجت أبكي،أبكي لأن حياتي بدونه لامعنى لها ،فلقد كبرت على يده،غفوت بحنانه كأب منذ كنت طفلة،علمني العشق وقواعده،وسجنني داخل مملكة حبه كأسيرة،لم تتنفس الحياة حتى ولو درست وتعلمت،إلا أنها بقيت تلك الفتاة التي تشبه السمكة ويشبه البحر عشقها،،،
تغير كثيرا ،أصبح يلح على الولد،ذهبت لعدة أطباء الكل كان يقول نفس الشئ ،لايمكن أن أنجب طفلا في حياتي،،،
البيت هادئ من الحب،أرى في عينيه ملامة،وأرى أمامي أمه وهي تلح عليه بالزواج ثانية،أصبحنا نتشجار دائما،ونبكي معا،ونغادر البيت بحثا عن الهدوء والراحة معا،،،
وجهته كانت ذلك المقهى،ووجهتي كانت نسرين،،،
إتصلت به لكنه أخبرني،أنه مشغول ولا يمكنه الحديث معي الأن،أما قبل ذلك،فقد هاتفتها هي لأخبرها بأنه طرأ لي عمل،وأنه لم يعد بإستطاعتي العودة إليها مجددا،،،بينما كنت أسير أفكر في حياتي بعد مصطفى ،دخلت إلى المقهى الكبير،أشرب قهوتي كالمعتاد،فجأة رأيتهما دون أن يعرفا بذلك،كان يمسك بيده ويقبلها،نظرت كثيرا أحاول التصديق أن الرجل الذي عشت معه حياتي كان كذبا،وأن صديقة كانت لاتشبه أحدا،هي أيضا كذبة ،نحن عادة مانعيش الكذب لأننا لانريد سماع الحقائق المؤلمة،لانريد لها أن تبعثرنا وتجرحنا فنتمسك بالكذب،ماذا لو لم يكن حبا؟
كان من الممكن أن يكون كذبة إلتقيتها في حياتي،عن طريق الصدفة،لاغير،كان سيكون تجربة إنتهت معها حياتي،لم أقرر الموت بسببهما،لكنني قررت موتهما،الخيانة تقتل كل شئ قبل وبعد الحب،وتجردنا من المشاعر،لأنها تدفعنا لنعيد النظر في حياتنا،ونسأل ؛هل كانت كذبة؟.
علاقتهما بدأت من تلك الليلة،هذا ماعرفته من الحقيقة ،بدأت وإنتهت معها حياتي معه،،،،العشق خلق مخلصا،لايعرف الكذب،لذلك عشت من بعدهم حياتي في إنتظاره.
قصة قصيرة
دولة بيروكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق