الثلاثاء، 11 يوليو 2017

أثقل من مجرد كتابة عادية...

أثقل من مجرد كتابة عادية …

العنوان"أثقل من رضوى"لكاتبته رضوى عاشور،لم يكن مجرد سيرة ذاتية بقدر ماهو بوح شخصي ،تفاعلت فيه الذات مع الكتابة ،ومع كل أطراف كتابة نص سير ذاتي ،فالزمن والذات والأحداث واللحظات والذكريات  تراكمت داخل الكتاب لتجعل منه نصا مفتوحا على كل القراءات والتأويلات.

تعترف رضوى ببداية الكتاب بأدق تفاصيل حياتها للقارئ ،تتنزه مستحضرة الماضي والحاضر،بيت العائلة ثم تنتقل إلى المرض،لكن تفاصيلها الحاضرة في كل مواضيع هذا الكتاب ،تجعلها غير عادية،تقول رضوى واصفة نفسها:"منذ طفولتي وأنا أوصف بالمطيورة،في المرحلة الإبتدائية كانت هذه الملحوظة تتكرر في الشهادة الشهرية،مضافا إليه في الغالب أنني ثرثارة"،وفي وصف أخر تقول :"لأنني ساذجة؟لأنني متفائلة إلى حد البلاهة"،تقلب صفحات ذكريات بيت العائلة ،في شتى مراحل حياتها،تتذكر أخويها حاتم وماهر،وتقول في وصف والدتها:"كانت الأم ترسم وتعزف وتنضم الشعر،كانت تعتني بأبنائها كثيرا،ثم حين كبرت رضوى،أعلنت العصيان.."،كل هذا الإسترسال في الوصف والإخبار ،لكأنها تدعو القارئ ليقرأ أكثر معها هذه الحياة.

فيتقدم المرض برضوى ،ليأخذ السرد القسم الأكبر منه،بدا لها الورم بسيطا ببداية الأمر ،لكن سرعان ماكبر ،مما إضطرها للرحيل للعلاج بأمريكا،حتى بوجود المرض كانت تخبرالقارئ عنه كما لوكانت تتحدث مع نفسها،فتتحدث بكل عنفوان وصمود،بأقوال ممزوجة بالجدية أحيانا والسخرية،تقول رضوى:"هناك إحتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة،مادمنا قررنا أن لن نموت قبل أن نحيا"،ففي كل مقاطع الحديث عن المرض،تتكون لدى أي قارئ صورة حية عن رضوى ،صورة مغايرة عن كتب السيرة الذاتية،فنحن أمام نص إبداعي يصور لنا الواقع والممكن معا في داخل ذات الكاتب.

لم تكتفي الكاتبة بلمس جراحها فقط،وفتح صفحات ألامها،بل إستدعت كل شئ مرتبط بحياتها،تكلمت عن البيت والجامعة،عن الزوج والإبن تميم،وعن السياسة والثورة ،تقدمت بإعترافات وتصريحات عن كينونة الأنا وتفاعلها مع الأخر،مستعملة إستراتيجية خطابية في النص ،ذات دينامية خاصة،وبأسلوب أخاذ ،وإن كان يعبر عن شئ،غير ذات رضوى المبدعة التي كونت كتابة أثقل من كل الكتابات في نص السيرة الذاتية،تقول رضوى:"أعتقد أن الإبداع نص فني،من أعقد إختراعات البشر وأكثرها عجبا،لأنها تنقل أحمالا متراكمة على بساط هش من الحروف والكلمات".

إن أفضل الكتب التي يكتبها الإنسان عن نفسه تلك التي تكون صريحة في دوارنها حول ذاته ،تلك التي تعتبر ترجمة ذاتية بالحرف لقصة حياته،فقوة الكتابة حول مركزية ذات الكاتب تبنى على حقائق،ووقائع،فالقارئ يقرأها ليكتشف بها مدى صدقية المؤلف ليجعله موضوعا لبحث نقدي عميق ،وكتاب "أثقل من رضوى"قد ضم ذكريات وحياة رضوى زاخرة بالعواطف وملئى بالأحداث الدرامية ،الفردية منها والإجتماعية  إستندت على سردها ،ببساطة اللغة وقوة صراحة الأسلوب،بعيدا عن أي تزويف يخل بإبداعها لهذا النص،حيث تبدو الكتابة عندها أثقل من مجرد كلمات داخل نص،لتتعداه إلى فعل إبداعي لامثيل له،تشاركت فيه ذاتها الكاتبة مع الواقع واللغة المستعملة،وتطابقت فيه وظائف الكتابة الذاتية،قكتبت بكل دقة وضبط حياتها للقارئ،إنه لضرب جديد من الإبداع الحقيقي لكتابة نص سير ذاتي ،فهي التي تحدث عن كتابتها الجيدة آن كلاوسر حينما قال:"يبدو أن الكاتب الجيد هو الذي يكتب عن نفسه  وعينه دائما على الخيط الرفيع الذي يمر عليه وعلى الأشياء".

الأحد، 2 يوليو 2017

واثق الخطى يمشي قطريا..هكذا ردت قطر

مطالب وضعت لترفض،بهذه العبارة التي تكررت أكثر من مرة ،في خطابات ولقاءات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني،ردت قطر قبل إنتهاء المهلة مسبقا،وقبل أن يغادر وزيرها الدوحة متجها إلى الكويت.
لكن الصمت الخليجي الذي لم يفصح عن مابعد الحصار،يدرك جيدا أن دولة بحجم قطر وإن حوصرت عشرين يوما لن تستسلم بسهولة ولو حوصرت لسنين قادمة ولأن الدولة لاتشبه القطاع ،إلا أن قطر بصمودها هذا تقول للفرقاء الخلجيين أن مالايؤخذ بالحصار لايؤخذ أيضا بغيره حتى وإن كان أعظم.
لقد كان لزيارة وزير الدفاع القطري العطية لتركيا،خطوة إستباقية قبل إنتهاء المهلة،فالدولة القطرية تدرك أن المرحلة القادمة خطرة،وأن الضغوطات ستزداد،مؤشرات التقارب التركي القطري ستظهر للعلن بقادم الأيام،وربما سنشهد إصطفافا حلفيا غير مسبوق ومعلن دونما خوف،إيران وتركيا وقطر،الحلف القادم من داخل الحصار.
وحالما تم تسريب رد حلف السعودية على الرد القطري الرافض مسبقا لمطالبهم،فثمة إحتمال أن تشمل حملة قطر كل شركائها،ومن بذلك الخليج ستتشكل حرب باردة كاملة الملامح الآن،وفي حين كان سيبدو غريبا لو تبيانت الأراء الأمريكية والدولية في الأزمة القطرية ،ولكنهما ستتفقان على لعب أوراق المرحلة الأخيرة من الحوار .
إن ترامب مع دخوله للحرب مع الإعلام الأمريكي،فإنه سيفكر بإنقاد صيته على حسابات عدة ،لربما ستتدخل فيها أزمة الخليج الحالية.
لم تختفي لهجة الخطاب الحادة تجاه قطر إذن،وسيستمرالوضع في شكله الحالي،وسيزيد بوسائل ضغط أكثر منها ماهو إعلامي كحجب الجزيرة نهائيا من عدة أقمار إصطناعية،ورفع مذكرات إدعاء على شخصيات قطرية ،وقد يصل الأمر إلى التحريض الأكبر بالإطاحة بالأمير تميم ،كل هذه الضغوطات التي قد تكون حصارا فوق حصار،ستزيد قطر تمسكا وثباتا على نهجها الديبلوماسي ومحاولة تحصين نفسها عبر حلفائها.
لكن إحصاءات الإقتصاد القطري،وماحققه من تزايد في قيمة المبادلات التجارية ،وماحققته صادرات النفط والغاز من إرتفاع بفضل تدشينها في غضون عشرين يوما لثلاث موانئ مهمة في كل من عمان والهند،حيث زودت السوق المحلية لدولة قطر ب 40%من إحتياجاتها من الألبان والثورة الحيوانية،كما فتحت أسواقها للمنتجات الإيرانية والتركية،ورفعت من إكتفائها الذاتي  بالإعتناء باليد العاملة المحلية وكأنها تتحدى خصومها بقولها حاصرون كما شئتم فإن واثق الخطى يمشي قطريا...كماهو الحال وإن كان ملكا.