لم تفرز الخطابات الداعية إلى الإنفتاح اللامحدود رؤى موضوعية دلالية،بل إكتفت بدعوات للتيارات الليبيرالية والإشتراكية في العالم العربي للإنفتاح المنبطح نحو الثقافة الغربية.
إذا كان الغرب يمثل خلفية معرفية وحضارية للمثقفين الجدد،للبحث عن إمكانيات التجديد في الفكر العربي_على حساب الثقافة العربية_فإن المثقف العربي سيدخل في إشكالية ضدية هي التقليد والتجديد،والتقليد هنا يعني إكتشاف الأخر دون النقد الذاتي،وإلغاء للهوية العربية لإستعارة هوية أخرى،أما التجديد فيعني غياب المعرفة والحركة الإنتاجية.
وحتى لايتناقض هذا الإنتماءالعربي وهذا الإكتشاف للغرب،فالمثقف يجب أن يعود ليعطي للذات العربية فرصة تطوير إمكانياتها،نحو الحفاض على الأصالة،حيث تصبح الثقافة العربية نظاما دلاليا يحدد هوية المجتمع العربي في أصالته،تضفي على الخطاب الثقافي دلالة عربية أصلية تعتمد على معرفة،تقنعه بأن الثقافة الغربية أصبحت علامة منهجية ومعرفية تمكن المثقف من المعرفة وتساعده على تحليلي الذات.
بهذه القابلية في تلقي الغرب،سيكون إنتاج معنى التأصيل قريبا من رؤية العالم،من زاوية إختزال كل الفروق بين النحن والٱخر،وهذا مشروط بتأصيل مقايسة بين المجتمع العربي والمجتمع الغربي ،في سياق منظم يؤمن بوجود حضارة عربية من جهة،وحضارة أخرى غربية لها تميزها_أيضا_من جهة أخرى، شريطة تمسك المثقف بإنتماءه الحقيقي الذي يقيه كل تبعية عمياء لهذا الغرب،ويخفف من الدهشة التي أخذت بلبه وهو يكتشف الغرب،بكل فنونه ومظاهره،الموسيقى،والفنون،المسرح،والفسفة،ولم يغب عن هذه الدهشة تمسكه القوي بإحساسه الحضاري المتأصل في الإنسان العربي منذ القدم.
من هنا كانت أطروحة مالك عبد نبي لتأكيد حقيقة جوهرية وهي أن كل مجتمع بحاجة إلى تكوين فهم مستقل وخاص به لطبيعة مشكلته الثقافية، أو فكرته عن الثقافة بصورة عامة، وذلك بحسب مرحلته التاريخية،بالشكل الذي يمنع إستيرادها من الخارج،يقول:
"وهذا يعني أن ما يصلح لمجتمع معين في مرحلة معينة من تاريخه، قد تنعدم فائدته تماماً بالنسبة له ".
لقد أهل هذ التباين،للكشف عن دور المثقف الريادي لقيادة المجتمع في العالم العربي وذلك ببث الأفكار في المجتمع ، بعد أن يعي مكانه في هذا العالم والعوامل والمتغيرات التي تلعب دوراً في التأثير على المجتمع من تراث هذا المجتمع التاريخي السحيق
، إلى أدق تفاصيل الحياة التي يعيشها مجتمعه بدراسة علمية شاملة ومتخصصة في كل المجالات الإجتماعية والنفسية والإقتصادية والسياسية وأدبية تؤثر في هذا المجتمع ، هذا الفهم وهذه المعرفة تجعله يمتلك الوسيلة الناجعة التي يستطيع من خلالها تطوير هذا المجتمع وتنويره .
إن إنسلاخ المثقف عن أصله العربي،ماهو إلاهوان وخضوع لعقدة النقص التي يعاني منها أمام جبروت هذا الغرب،بهذا العمق من محاولات الإستعارة الغربية تبرز الدعوة للوقوف على عمق المشروع الثقافي العربي والدعوة إلى الحفاظ على تراثه العربي،والإستلهام من هويته التاريخية الخاصة وإستحضارها أثناء إعادة إنتاجها وفق ماتتطلبه ضرورة التطور والنمو والتقدم،دون تجريدها من أصلها العربي.
الخميس، 30 يونيو 2016
إشكالية الإنسلاخ الثقافي
الأربعاء، 29 يونيو 2016
في داخل كتاب
يعد كتاب "سيرة عيسى بن هشام " من كتب التحليل والنقد الاجتماعي التي برزت في العقد الأخير من القرن التاسع عشر ، وساعد في ظهورها الإستعمار البريطاني أن ذاك ، وكانت معارضة للإحتلال والإحتكاك بالمستعمر، وكان من أشهر المعارضين له الكتاب القوميين ،أهمهم المويلحي ، فظهر كتابه النقدي للمجتمع تحت عنوان "حديث عيسى بن هشام ".
ويشكل هذا الكتاب تقدمية في معالجة ٱفات المجتمع الدخيلة ، وذلك بتركيز اهتمامه على المجتمع المصري خلال الفترة التي عاشها المؤلف، وأخضعه للنقد الإجتماعي اللاذع.
وعلى ذلك فإن المويلحي كان ناقدا ثاقبا الفكرة،حادا تجاه مجتمعه في بداية القرن،حاول الكاتب أن ينتقد مجموعة من الٱفات التي تفتك بمجتمعه،عن طريقة وظيفة تجمع بين التحليل والعرض،حيث إنعكست مظاهر شتى من حياة المجتمع،كما تنعكس مهارته اللغوية في السرد الروائي النقدي الحديث.
الأحد، 26 يونيو 2016
الوسيلة العمياء
عني الفيلسوف والكاتب الإيطالي نيكولا ميكافيلي،بدراسة الفلسفة السياسة،حيث توسع في مجال بناء أفكاره الفلسفية من التاريخ القديم،والأخذ من الأحداث المعاصرة التي يعيشها بين ظل الحكام والبابويين والكنائس،إبان حكم لورينز دي مديتشي،تم نفي ميكافيلي بسبب جرأته السياسية وأفكاره المطلقة،والتي إستطاع أن يستجمعها في كتاب "الأمير"،كتاب إشتمل على نصائح للحاكم كيف تنال الإمارات وكيف تحفظ وكيف يتفقد؟،لم تحقق النصائح نتائجة تذكر،ظل خلالها الكتاب حبيس النور خمسين عاما لم ينشر إلا بعد موته.
الكتاب كلل يحمل جانبين مهمين الأول إيجابي ،والثاني سلبي، في الجانب الإيجابي قدم الكاتب لأمير عصره نصائح تمحو القيم والمبادئ من وجهة نظره وهي أهمية الإستقرار والإعتماد على جيش وطني،خالي من المستأجرين _كما وصفهم_إضافة إلى ضرورة تأهب الدولة في وقت السلم،حيث تصبح الدولة على إستعداد دائم للحرب وتكون أقوى من أن تسقط في أتون المعارك،وهذا ماسرده الكاتب وبعض القراءات للكتاب من نقاط إيجابية.
في الجانب السلبي الذي شهد حظا وافرا من الإنتقاد،حيث إنتهى الى رأيه السياسي،يتلخص بعبارة "الغاية تبرر الوسيلة"،والتي إستند فيها ميكافيلي إلى الواقع المنحرف للأكثرية من الناس التي كانت تعيش إبان حكم الأمير،فمهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق،وأنكر الكاتب في هذا الكتاب الأخلاق المعترف بها بالنسبة لسلوك الحكام،إذ يرى أن هلاك الحاكم يكون بالتقيد بها لذلك أبدى نصيحته للأمير بقوله:"يجب أن يكون ماكرا مكر الذئب ،وضاريا ضراوة الأسد"،لم يقف ميكافيلي إلى هذا الحد من نكران القيم،بل ذكر أنه ينبغي للحاكم كي يبسط حكمه أن يستعمل الخديعة،تلك التي جردها ميكافيلي من الغاية بل وسيلتها هي الغدر،وهو أداة مشروعة في فكره إذا ماعادت على الحاكم بالفائدة،ولقد بررها بإنتقاد مهين للشعب وهو أنه يصل في السذاجة مايحعله قابل للإستيلاء عليه.
لقد ٱخذ معظم أرباب السياسة من الشرق إلى الغرب ،في هذا الإتجاه الميكافيلي،يذكر أن نابليون وهتلر كانا يعيدان قراء كتابه "الأمير"أكثر من خمس مرات في اليوم،وموسيليني كان لاينام إلا وهو بجانبه،وأما حكامنا العرب فلاشك أن هذا الفكر ٱخذ في الإنتشار بينهم،حيث يتم تبرير الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق في نهجهم السياسي والحكامي والسلطوي،بدعوى الغاية تبرر الوسيلة،تلك الوسيلة العمياء التي تقتل.
الأربعاء، 22 يونيو 2016
حب يفرقه الجدار للكاتب الصحراوي الناجم حيمد
" حب يفرقه الجدار "للكاتب الناجم حيمد
تنبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه :
هذه الأسماء و المناطق المذكورة في القصة تم اختيارها عشوائيا فإن تطابقت مع احد فنلتمس العذر :
" زينبو " فتاة صحراوية ترعرعت و تربت في كنف أسرة صحراوية ذات طابع محافظ و تحديدا في ضواحي مدينة بجدور المحتلة ، وجدت " زينبو " كغيرها من الصحراويين نفسها مفروض عليها نمط عيش ليس كالذي سمعت اهلها يتحدثون عنه ، لأن في الشارع محتل و في القسم محتل بل و ان الذين يحكمون هذه الارض ليسوا اهلها ، شاركت مع أحرار الانتفاضة في عديد الوقفات السلمية التي ينظمونها و في التظاهرات المنادية برحيل الاحتلال و المطالبة بالاستقلال...
تذهب الايام و تأتي لكي تتلقى " زينبو " استدعاءً هذه المرة ليس من مفوضية الشرطة بل من المفوضية السامية لغوث اللاجئين يقول الاستدعاء أنها مسجلة مع عمتها " مريم " في رحلة زيارة الى مخيمات تندوف تحديدا الى عائلة عمها الشهيد " الحسين " ... و أن الرحلة بعد أسبوع .
خلال ذلك الاسبوع انفردت " زينبو " بشعور واحد هو الفرحة طبعا ، فرحة مدفوعة بأمران أولهما أنها ستعيش ولو لخمسة أيام ما يعيشه الصحراويون في اللجوء لأنها سمعت الكثير عن بطولاتهم لكن ليس الذي رأى كالذي سمع ، و ثانيهما و ربما هو الاهم أنها سترى و تلتقي و للمرة الأولى بعائلة عمها الشهيد الذي حدثتها جدتها " أم زينة " عن بطولاته الكثير .
جاء اليوم المنشود و تحديدا أحد أيام الجمعة من ديسمبر 2012 ، سافرت بهم الطائرة الصغيرة التابعة للأمم المتحدة من مطار لعيون الدولي متجهة الى مطار "الرائد فراج" بتندوف ، كانت أجواء المسافرين انداك تتحدث عن روعة الاستقبال الذي ينظمه أهل المخيم حسب شهادات أشخاص استفادوا من هذه الرحلات سابقا ، الساعة ـ 14:16 ـ زوالا الطائرة تحط الرحال في مطار تندوف ، " زينبو " تلقي بنظرة خجولة من النافذة تغيرت في عينها الاجواء من الاخضرار الناعم الى اصفرار يحكمه طابع مناخي قاسي ، و ربما هي الملاحظة الاولى التي سجلتها " زينبو " في دفتر مخيلتها الصغير ....
موكب يتكون من عدة سيارات و حافلة تابعة للمفوضية يتجه صوب ولاية أوسرد لكي يجدوا عند الولاية في استقبالهم " الرباب" و ابنها. " سيد أحمد " ابن الشهيد الحسين الذي سيكون جزاءً كبيرا من موضوعنا اللاحق
اتجهت بهم سيارة " سيد أحمد " صوب دائرة زوك اين سيجدون في استقبالهم الاهل و الجيران بزغاريد النساء و رقصات أطفال يحملون اللبن و التمر تعبيرا عن فرحتهم بالوافدين الجدد ...
استطاعت " زينبو " ان تسترق نظرات في عجالة " لسيد أحمد " وهو يقود السيارة، و أثناء تواجدها في المخيم تبادلا الكثير من النظرات ذات الاحترام المتبادل و الابتسامات المحتشمة التي قد يكون سببها تلاقي الأنظار في نفس الوقت و المكان ...
كان " سيد أحمد " مهتما "بزينبو " دون غيرها من الزوار و كانت هي ايضا تقدر هذا الاهتمام ، حيث كانت تطلبه ان يأخذها في جولة عبر المخيم أحيانا في السيارة و تارة اخرى مشيا على الاقدام بحكم انها تحب المشي على الرمال .
مساء اليوم الرابع أي اليوم الأخير نظم " سيد أحمد " للزوار رحلة عشاء في كثبان أوسرد الرملية ، تميزت هذه الامسية بطابعها الودي العائلي مع أن في قلب " سيد احمد " و " زينبو " أمر أخر قد يكون أكثر ودية من كونهم أبناء عم ... نعم هو "الحب" الذي ارتسم في قلب كل منهم من النظرة الاولى .
قبل انتهاء السهرة و على ضوء الجمر الخافت ينفرد "سيد أحمد " " بزينبو " و يخبرها انه تشرف بمعرفتها و أنه يتمنى ان يتكرر اللقاء و أن تتجدد رؤية بعضهم البعض ، بادلته نفس الشعور بصوت حزين و دموع لو اعطيت لها شارة الانطلاق لحولت تلك الكثبان وديان ...
صباح اليوم الخامس وهو يوم يعرفه كل الصحراويين بأنه يوم حزن على فراق الاهل و الاحباب ، وهو اليوم الذي أثبت فيه " سيد أحمد " أن دموع الرجال قد تلين أمام مشاعر الحب خاصة أن كان هذا الأخير مدفوعا بقرابة كالذي حصل او بالأحرى يحصل له مع أبنة عمه " زينبو".
في تمام الساعة التاسعة صباحا جاءت سيارات المفوضية لكي تضع حدا لتلك المشاعر الصادقة معلنةً بذلك نهاية رحلة العمة " مريم " و ابنة اخيها " زينبو " التي استطاعت أن تحمل معها في حقيبة يدها الصغيرة قلب رجل أرادة له الظروف أن يتخلف عن رحلة حب يفرقه الجدار ، لكن ما جمعته يد الله لن تفرقه يد المحتل.
لا أحد يظن ولا حتى "سيد أحمد" نفسه أن خمسة أيام تنظمها الأمم المتحدة كانت كفيلة بصناعة هذا الحب المنقطع النظير ....
بعد أن وصلت " زينبو " الى ارضها تغيرت في عينها الكثير من المسميات حيث أدركت فعلا أن خلف تلك الخيم شعب فضل أن يفترش الرمال و يلتحف السماء إكراما لأرواح الشهداء و رفضا للذل و الهوان ، فزاد بهذا حبها لأهل المخيم عموما و لذلك الشاب المدعو " سيد احمد " بشكل خاص و فريد فهي ترى فيه كل شيء ، تراه الاخ و الصديق و يحبذا لو أصبح الزوج ....
بعد هذا الفراق الأليم زادت وتيرة الاتصال بين الاثنين مع أن تكلفة الاتصال ثقيلة على كليهما "فسيد احمد" لا يعتمد على مدخول رسمي باستثناء سيارته التي يعمل بها في سلك "البساجة" الشهير و "زينبو" ليست افضل حال منه لأنها "لن تجني من الشوك العنب" فهي تعيش في ارض محتلة ...
في ظل هذه الاتصالات كانت "زينبو" تحاول دائما إقناع "سيد احمد " بالمجيئ ولو لبضعت أيام تراه و يرى هو أهله و ذويه ، لكن هذا الأخير كان دائما يتحجج بحجج رأت "زينبو" أنها مقنعة و لعل أبرزها أنه لو ذهب فمن سيترك مع "الرباب" ؟؟؟
في بداية شهر أبريل استطاعت "زينبو" اخيرا ان تقنع "سيد احمد" بالقدوم الى المناطق المحتلة ، مع أن هذا الموقف لم يأت بصفة ارتجالية أو عشوائية و انما تطلب ثلاثة أشهر من الترجي الصادق الذي دعمه طرف ثالث استعانة به "زينبو" كان له الفضل في اقناع "الرباب" و طمأنت"سيد احمد" بأن امه ستكون بخير مع اهلها ، انها الفتاة الجامعية "الغالية" التي عاشت قصة حب الاثنين و دعمت هذا الحب الذي رأت فيه الصدق و الصفاء ، نعم هي "الغالية" التي وجد فيها "سيد أحمد" المكان الوحيد الذي يشكوا له شوقه و التي وجدت فيها ايضا "زينبو" الصديقة الوفية التي كانت تتواصل معها عبر مواقع التواصل تلك التي لا يفقهها "سيد احمد" ...
وافقت أخيرا بل و دعمت الرباب سفر ابنها الى ارضه و ان من حقه معرفة ذويه الذين حرمه العدو من رؤيتهم ...
ذهب "سيد احمد" في رحلته محملا بنقيضان قلَ ما يجتمعان في قلب الرجل ، أحدهما همه و تفكيره في أمه و الأخر شوقه و حنينه لوطنه الذي تمثل في صورة "زينبو" ...
وصل "سيد احمد" الى منطقة "بئر ام اقرين" اين سيعمل على استخراج ما يلزمه من وثائق للسفر ، وثائق اتعبت جل الشعب الصحراوي ليس كرها في بطاقة التعريف "الصفراء" ولكن املا في زيارة الاهل و الاوطان في ظل سياسة الجمود التي مست كل شيء الا قلوب العشاق ...
أخرج "سيد احمد" تلك الوثائق بعد شهر من معاناة حقيقية عاشها و هو ينتظر طوابير الباحثين مثله عن وثائق تساعدهم في لملمة شمل فرقته الة الحرب الوحشية لكي تجمعه أوراق موريتانية ...
سافر أخيرا الشاب "سيد احمد" متجها صوب "نواذيبو" المحطة الاخيرة التي تستنزف ما تبقى من جهد و مال لكنها تبقى ضرورية لإكمال معاناة الحب الذي يفرقه الجدار ...
اخيرا وصل لأهله و ارضه و تمكن من رؤية "زينبو" قدر ما يشاء بل كانت هي ايضا تبادر لتنظيم رحالات عائلية عسى ان تشابه تلك التي نظمها "سيد احمد" على كثبان اوسرد الرملية ، زاد و ترعرع هذا الحب الذي أصبح واضحا للجميع حتى لكبار العائلة ، الأمر الذي جعل "سيد احمد" يدرك انها الفترة المناسبة للتقدم "لزينبو" التي صارحها بعد أن اخذت له "الغالية" موافقة "الرباب" عبر الهاتف مع جملة من الشروط كان أهمها "يا بني عليك ان تقنعها بالعودة معك فمن لي غيرك؟؟" ...
تمت تلك المقابلة الثنائية التي كانت محسومة النتيجة قبلا و هي القبول طبعا مع العودة الى قرار الاهل تقول "زينبو" خاصة في ما يتعلق بجانب الانتقال الى مخيمات تندوف و الاقامة هناك .
كان "سيد أحمد" ينتظر قرار الاهل الذي لم يراوده ادنى شك بأنهم سيوافقون كونهم يعلمون بحاله و حالة أمه الرباب فحتما سيوافقون على الزواج و على شرط الانتقال الى المخيم ...
بعد يومين أي بعد المشاورات غير المباشرة و ذات الطابع المحتشم بين "زينبو" و اهلها خرجت العائلة بنتيجة ، لم تجد "زينبو" وسيلة أو الية قادرة على وصف الموقف سوى الدموع التي قابلت بها "سيد أحمد" ، هذا الاخير الذي ادرك من عيني محبوبته أن سفينة توقعاته كانت تسير عكس تيار الاهل و الاحباب ، فالأهل لا يردون لابنتهم الاقامة بعيدا عنهم بل يقترحون حلا آخر يرون أنه أكثر ملاءمة يقولون فيه " ان يأتي للإقامة هو و أمه معنا هاهنا و يتزوج من يشاء ..."
رأى "سيد أحمد" أن إقامته لن تطول بل بدأ يفكر في العودة ليست عودة الخيبة و لكن عودة الى ديار الصمود التي مفادها أن الحب هو حب الوطن و أن عهد الشهيد الحسين لا يجب أن يدنس و ان كان لابد له من ذلك فليس من أبنه الوحيد ولتنكسر جميع قواعد الحب امام معاناة الشعوب و امام عشرات الالاف من امثال الرباب ...
جاء اليوم الذي يودع فيه أهله و ذويه لكن الوداع الاكثر حرقة هو وداع الطرف الاخر الذي ارتسمت على خدها تجاعيد الانكسار تلك التي سالت مع طوفان دموع العناق الاخير الذي عزفه "سيد أحمد" بصوته الحزين و هو يقول "هذا قدرنا ، الله يجمع الشمل" ...
رحل "سيد أحمد" و رحلت معه أخر أوراق الحب التي كانت تنتظرها "زينبو" أن تنمو و تزهر ، لكن شاءت الاقدار ان تقتطفها يد الجلاد قبل يد المقاتل ابن الشهيد الذي وجد نفسه مجبرا على العودة نفس المسافة التي اتى معها لكن هذه المرة محملا بهموم الحب و مرارة الوطن المسلوب الذي جعل الحبيب يضحي بحبيبته و جعل الاهل يتنكرون لابنهم ...
وصل "سيد أحمد" الى المخيمات و بداء حياته كما كانت لكن ما يكنه في نفسه لتلك الفتاة المدعوة "زينبو" لم يتغير فظل يتصل بها و هي كذلك لكي تنتهي قصة حب أخرى دون بلوغ المقصود معلنين بذلك جبهة اخرى من جبهات القتال هذه المرة بين الحب و الجدار ...
فعسى أن يرحم العالم نفوس عشاق تتألم ولا تتكلم
النـــــــــــــــــــــــــــــــــهاية
بقلم : الناجم حيمد
السبت، 11 يونيو 2016
تماسك الكلمة والوطن ،هذا ماتحتاجه قضيتنا
إن وحدتنا الوطنية هي صمام أماننا نحن الصحراويين وإن شعار الدين لله والوطن للجميع سيظل شعاراً لكل أبناء الشعب الصحراوي الواحده المسلم لما لا ونحن الصحراويبن بالرغم من إحتلالنا ظلت غيم الترابط والإخاء هي التي تتشكل لتمطر علينا الصبر والعزيمة ،فمن تضحيات القادة ودماء الشهداء،تعتبر الوحدة الوطنية ضرورة ملحة للتعايش في إطار هذه المرحلة الحساسة بين مكونات الشعب الصحراوي و على اختلاف طبيعتها والولاءات التي تمثلها، وهذا الإطار من التلاحم والتماسك يعني نبذ الخلافات والترفع عن الشقاقات والتخلي عن أساليب الكراهية واحترام بعضنا البعض ضمن الهوية الوطنية والانتماء الوطني وما يمثله من سمو وأولوية تسبق كافة الولاءات والانتماءات الأخرى في الدولة الصحراوية، والتي تقتضي مشاركة المواطن في تطوير وطنه والمحافظة عليه وعلى استقراره وإنجازاته والتي تعتبر أحد مقومات الوحدة الوطنية، ويظهر ذلك من خلال الحرص على نشر المحبة بين أفراده، وحماية البناء الداخلي ممن يحاولون هدمه أو إعاقته وهي لا تعتبر مهمة تتعلق فقط برجال بعينهم بل تمتد أيضاً إلى المجتمع الذي صار عليه دورايقتضى منه الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة مكتسابته ولنجعل من دولتنا الصحراويةوطنا يتسع للجميع في جو تسوده قيم الحب والتسامح وقبول الآخر.
لقد لعب الإعلام المسموع منها والمرئي والالكتروني، في الأونة الاخيرة دورا مهما في مواجهة الإحتلال ،و في تشكيل الرأي العام وفي تغيير السلوك والاتجاه لدى أفراد المجتمع والتأثير على منظومة القيم والمبادئ التي يعتنقها الإنسان لهذا فإن دورا كبيرا يقع على الإعلام الوطني في قصيتنا،وذلك في أخذ دوره الوطني في تعزيز وترسيخ عناصر الوحدة الوطنية والذود عنها بالكلمة الصادقة الجريئة لأن هذه الكلمة في هذه المرحلة التي يمر بها الوطن أخطر من الرصاصة
لهذا فإننا بحاجة الى أقلام تؤمن بثوابت الوطن وتعمل على تجذير مفهوم الوحدة الوطنية لدى النشء ولدى كافة شرائح المجتمع من شباب وشيوخ من رجال ونساء فهذه الشرائح هي المستفيدة والمخاطبة من قبل وسائل الإعلام المناوئ لقضيتنا،و من هنا فإن اعلامنا تقع عليه مسؤوليتان، الأولى في تحصين الساحة الوطنية و الجبهة الداخلية من كل ما يعمل على إضعافها والثانية في مواجهة الإحتلال وكشف خباياه الداعية للتفرقة والتشتت بين أبناء الوطن الواحد.
إننا إذن أمام مرحلة إستثنائية ،تعيدنا لمراحل مرت في فصول قضيتنا الوطنية،نستخرج منها متطلبات نجاحنا والذي هي تماسك الكلمة والوطن ،فهي التي تصنع من أهدافنا التي قامت عليها دماء القادة الشهداء حقيقة لارجعة عنها.
الخميس، 2 يونيو 2016
لن أقول وداعا ياوطن
ذات زمن مضى لكنه الحاضر في وجداننا ، أهدتنا الأرض الوداع، حفنة من الألم، وقطرة وجع، وعلبة من الوان الألم ،تسللت لدواخلنا،فلامست أحلامنا، امتدت أنامله وشرعت تخط لي وطنا.
وطن كما يشتهي في الأربعين من عمر حكمه، لم يأبه للهيب الشمس الذي زاد من عزيمته اوغبار الرمال الذي لم يمحو ملامح الطريق ، ولا هان الرجل أو حتا قهرت إرادته ألام التمزيق، لم يزده إلا تمسكا تخلو خباياه المكانيه من السلاح وتمتلئ خباياه المعرفيه من الحنكة والسياسة مايؤهله لقيادة المرحلة ، فهو القريب من الشعب وهو الذي ترتسم في تجاعيد وجهه صورة الوجع وبقايا الذاكرة و هارمونيا أناشيد الثورة ورفاق الطريق.
فكان الطين مسكناللصمود شارك الكل في تشييده،وفي السماء قوس قزح الذي ظهر في الأفق بعد رزاز من إنتهاءالمطر،يشبه إنتهاء الرصاص،ولأنه ينصب في كل مرة خلاصا لنا من الواقع المأزوم.
ويدور عطر روح غيابه،يبحث عن رائحة الذكريات،يمرعلى تلك الرائحة الندية،كأن الشمس تمدأيديها لتحتضن ربوع دفئه فتشعر بالتفاؤول والحنين أكثر،إلى الضفة الأخرى،إلى حيث يعبر المجاهدون،نحو الوطن،داخل عمق هذا الوطن الذي يكفي لدفن حضارة كل الكون،أحببته حينها ، حبا على غير العاده ، حب يجعلني أحلق بجناحين من نور، في التاريخ وفي الحاضر، وأتوسد محطات التغيير ، وأقف تعظيما لرجل الدفاع عن الحريه والكرامه الانسانيه ، وأحتضنه بداخلي تجربه وأتعلم منه الوعد:
"لاوجود ولامستقبل للصحراويين الا في وطنهم الحر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".
في عزاء محمد عبد العزيز تعلمت كيف يكون الحضور في الغياب، وكيف يمكن للإنسان أن يرحل بجسده ويبقى حياً كأكمل ما تكون الحياة في القلوب والنفوس التي أحبت فيه الرمز والقيمة والمعنى.
قـف ياوطني على قبره وازرع عليه وردة الأمل وردة الحياة،قف هناك وحدثه عن احوال اهلنا عن احلامهم ومعاناتهم وصمودهم،حاوره كماكنت تفعل ،حين تتذكر تفاصيلك معه،حين إنتظرتم الحريةمعا،فأنت من فتح له ابواب قلبه،ومنحه الامان بلا حدود،وغمره بأحلامه،ورمم مشاعر شعبنا،و رمم أحلامنا،وأعاد صياغة الطريق لنا،ووهب لأطفالنا الأمل،قف على قبره ياوطن فلديه أمل حتا في البعد أن ينقشع ظلام الإحتلال،أن تشرق شمس نهارنا على الأرض وتزيح الغمامة عنا.
هو ذلك المهجر سنين طويلة، هو الصحراوي الذي طالما عانى من مرارة الأيام، طالما حلم بعيش مستقر في قلب وطنه، طالما نادى بصوت عال لأجلك ياوطن، نعم ،هوذاك الذي عاش بالألم، عاش بالأمل، لم يعرف اليأس طريقاإليه، لم يدفعه الاستعمار إلى إراقة ماء وجهه أرضا،وها هوالآن قد حقق ذلك الأمل، سعى لأن يصل إليه، ووصل.
كنت قد هاجرت من قبل سنين لطالما كانت قاسية، طويلة، يتخللها شعور بالغربة، أذاقتك أصناف عديدة من مرارتها،فأنت اللاجئ، صاحب الحق، وصاحب الوطن، وصاحب الأرض.
أنت اليوم ستعود إلى الوطن، جاء وقت اللقاء بالشهداء، جاء الموعد:لاأريد أن أقول وداعا ياوطن،لأن لقاءانا رغم البعد الأبدي ،بالأمل يحيا،فعلى أرضي يعيش الحلم في داخل الطفل والشاب والشيخ،ليتحقق بين الخيام وعد....وعد الحرية الذي لايموت،هكذا أخبرني القبر أنك كنت تقول....هذا وعدي.
الجمعة٣ماي٢٠١٦