عني الفيلسوف والكاتب الإيطالي نيكولا ميكافيلي،بدراسة الفلسفة السياسة،حيث توسع في مجال بناء أفكاره الفلسفية من التاريخ القديم،والأخذ من الأحداث المعاصرة التي يعيشها بين ظل الحكام والبابويين والكنائس،إبان حكم لورينز دي مديتشي،تم نفي ميكافيلي بسبب جرأته السياسية وأفكاره المطلقة،والتي إستطاع أن يستجمعها في كتاب "الأمير"،كتاب إشتمل على نصائح للحاكم كيف تنال الإمارات وكيف تحفظ وكيف يتفقد؟،لم تحقق النصائح نتائجة تذكر،ظل خلالها الكتاب حبيس النور خمسين عاما لم ينشر إلا بعد موته.
الكتاب كلل يحمل جانبين مهمين الأول إيجابي ،والثاني سلبي، في الجانب الإيجابي قدم الكاتب لأمير عصره نصائح تمحو القيم والمبادئ من وجهة نظره وهي أهمية الإستقرار والإعتماد على جيش وطني،خالي من المستأجرين _كما وصفهم_إضافة إلى ضرورة تأهب الدولة في وقت السلم،حيث تصبح الدولة على إستعداد دائم للحرب وتكون أقوى من أن تسقط في أتون المعارك،وهذا ماسرده الكاتب وبعض القراءات للكتاب من نقاط إيجابية.
في الجانب السلبي الذي شهد حظا وافرا من الإنتقاد،حيث إنتهى الى رأيه السياسي،يتلخص بعبارة "الغاية تبرر الوسيلة"،والتي إستند فيها ميكافيلي إلى الواقع المنحرف للأكثرية من الناس التي كانت تعيش إبان حكم الأمير،فمهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق،وأنكر الكاتب في هذا الكتاب الأخلاق المعترف بها بالنسبة لسلوك الحكام،إذ يرى أن هلاك الحاكم يكون بالتقيد بها لذلك أبدى نصيحته للأمير بقوله:"يجب أن يكون ماكرا مكر الذئب ،وضاريا ضراوة الأسد"،لم يقف ميكافيلي إلى هذا الحد من نكران القيم،بل ذكر أنه ينبغي للحاكم كي يبسط حكمه أن يستعمل الخديعة،تلك التي جردها ميكافيلي من الغاية بل وسيلتها هي الغدر،وهو أداة مشروعة في فكره إذا ماعادت على الحاكم بالفائدة،ولقد بررها بإنتقاد مهين للشعب وهو أنه يصل في السذاجة مايحعله قابل للإستيلاء عليه.
لقد ٱخذ معظم أرباب السياسة من الشرق إلى الغرب ،في هذا الإتجاه الميكافيلي،يذكر أن نابليون وهتلر كانا يعيدان قراء كتابه "الأمير"أكثر من خمس مرات في اليوم،وموسيليني كان لاينام إلا وهو بجانبه،وأما حكامنا العرب فلاشك أن هذا الفكر ٱخذ في الإنتشار بينهم،حيث يتم تبرير الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق في نهجهم السياسي والحكامي والسلطوي،بدعوى الغاية تبرر الوسيلة،تلك الوسيلة العمياء التي تقتل.
الأحد، 26 يونيو 2016
الوسيلة العمياء
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق