الأربعاء، 10 فبراير 2016

مدن باكية

مدن باكية
مدينتي لاتشتهر عند العرب كثيرا،يوجد منها أخرى وفي دولة عربية أخرى،حتى شعبها منذ أربعين عاما ،يعيش القيظ والبرد قلما تجد عربي يعلم بحزنه،مدينتي في نظري أجمل المدن ليس لأن ولدت بها،بل لأني وقفت على بكائها،فبكيت على البكاء المجهول،المختفي وراء الحلم المشنوق  على بابها،لم تحمل مدينتي من الأمنيات سوى ،أن ينكسر قيدها ويبزغ فجر يلتقي فيه الكل على أرضها،حبيب وعشيقته،أب وإبنه وجدة بأحفادها،ويعود لها الفرح يغني أغنيات الحرية دون أن يقتله ،طاغوت إحتل ملامح وجهها الصحراوي لينفيها إلى مدن الخيال،مدينتي تبكي أيضا في الصحراء الغربية ،وتحزن مثل صديقاتها.
ومن بين أصدقائها بغداد،حضارة،عمق ،تاريخ ،محبة ومنبر الشعراء،باحثة عن ماضياه في سراديب النسيان العربية،وغارقة في عناق الفرح المنسية،حاولت ترتيب الأحرف لكتابة حزن يليق بهذا البكاء الذي يبعث الموت من بغداد_لم أستطع_لأن الألم في ذاكرة المدينة كبير،ولأن الجرح ينزف ولأنها بإختصار تموت بين أضلع عربية.
غادرت بغداد إلى دمشق الأن،وأي بكاء أصابها،وكأن عزاءا مفتوحا قد علق في أول دخول لها،كتب فيه،هذه الأرض لازال الموتى لم يفترشو التراب ويتساقطون كحبات المطر،لازالت رائحة البارود تفعل هذا الضباب ولازال القصف فيها يدمر،هذا السور الأموي،ولازالت مدينة تستقطب إليها الموت ليقتل الموت،ولم تعد مدينة تصلح للحياة .
غادرتها للقدس عاصمة السماء على الارض،بيت الله الأول،مكان فيه الصلاة تضاعف أضعافا،وجدتها حزينة،لم يعد يقتلها الإنتطار بل حال العرب وحال مدنهم،كيف يموت البشر!كيف لم يعد يعيش الإنسان كإنسان !الحزن فيها يوحد الأرواح ويجمع التناقضات،باغتتني دمعتها بالعين،تقول ماأقصى مايمر به العرب،رائحة موتهم لاتنتهي ،لذلك أبكي.
لذلك كنت كلما قرأت بكاء مدينة بكيت على بكائها

بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق