ترى هل هذا الغير العربي يعرفنا؟سؤال يروادني كلما تحدثت مع شاب عربي سوري أو لبناني أو مصري أو فلسطيني،فكان الجواب منهم،بالكاد أعرفك.
لعل مفهوم الغير هنا يحيلني إلى الحديث عن الأخر المختلف،عرقيا ومذهبيا وإنتمائيا وبلدا،لكننا كصحراويين نشترك مع الغير العربي في نفس الدلالة،دلالة الهوية والدين،يقول الله سبحانه وتعالى:إن جعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفو"صدق الله العظيم.
المعرفة هي الأفق المنير،بها الوعي الأنا ينظر لذات الأخر أكثر عمقاوتوافقا ،يتكيف معها ليجعلهاموضوع إشتراك وصراع إنساني نحو تقديم الأفضل ،فلماذا غابت القضية عن الأخر العربي؟.
بعد حرب 1973إختلفت النظرة الرسمية للقضية الصحراوية بين مؤيد وداعم لأطروحة المغرب،ومع إستمرار المعاناة الصحراوية إبان إحتلال المغرب للصحراء الغربية،وجدت هذه الأخيرة نفسها أمام موقف متخاذل وشبه غائب بل أحيانا كثيرة يبدو متواطئا مع الجلاد.
وظلت تراوح مكانها العربي دون تقدم يذكر،إلامن بعض الإعلام العربي الذي سلط الضوء على القضية كمعاناة وقضية تصفية إستعمار،وقد لفت إنتباهي مقدمة للإعلامي محمد كريشان في صحيفة القدس العربي حيث كتب فيها:"لاهي بالميتة فتدفن ولاهي بالحية فتركض"وختم مقالته والتي سلط الضوء فيها على القضية وحضورها العربي بسؤال وجيه _يبدو طرحه في وقتنا الحالي ،طرحا موضوعيا_حيث تسائل قائلا:هل من خطوة تنقذ هذه القضية من النسيان؟.
للإجابة على هذا السؤال يجب الدخول في الملفات العربية التي تمتلئ بها رفوف الجامعة العربية بعد العام 2011، أي بعد انطلاق ما سمي بالربيع العربي ، ازداد فيه النظام العربي هشاشة وهوانا، وأصيبت العلاقات العربية بعطب في مبدأ التضامن، وفي أساسيات القضايا التي كانت تشكل مرتكزاً لها وجامعة لمشكلاتها، وفقدت الجامعة العربية التي تعتبر المؤسسة الرافعة للعمل المشترك العربي، هذا الدور من جراء صراعات وخلافات بينية حول القضايا التي إستجدت خلال هذه السنوات وأدت إلى حروب أهلية في أكثر من دولة،زاد من بعثرة البيت العربي هذه القضايا الجدد ،فالمعضلة السورية واليمنية ومايحصل من إنجرار لحرب إقليمية ومرورا بالوضع الليبي ومايشهده الصومال ،يحيل العرب إلى وصفهم بالمريض المتعب الغير قابل للعطاء أو حتى التفكير ،في قضايا تبدو في نظره لاحل لها أو تاركا كما العادة للغرب والولايات المتحدة حلها،وليس من الغريب ألا يكون ممثلا عربيا واحدا في كل مفاوضات التسوية أو الحروب القائمة،فهل أعلن العرب إستسلامهم ؟تاركين لقوى العالم الإكتفاء بحل قضاياهم على حساب أطماعها الإستعمارية،لذلك كان المواطن العربي يرى أنه لاتوجد قضية قابلة للإهتمام ،أكثر من قضية العرب وحضورهم الغائب الذي يسير في طريق الإنقراض،والتي يفكر بها المواطن الصحراوي ويطرح لعدم لامبالاة العرب كل الأعذار فهم ،قد إنسحبو عن ركب السفينة وتركوها للعالم الأخر،لقيادة الشرق والغرب لوجهة توافق أطماعه الإمبريالية.
بل أن الإنسان الصحراوي بات يرى في قضية الإقصاء والتهميش ،تعريفا جليا للإنحذار الفكري الذي وصل له الرأي العام العربي ،لقد ظلت فصول هذه القضية مغيبة عن الرأي العام العربي وظل الحديث عنها يهتم فقط بالرؤية المغربية،متناسيا معاناة الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين بتندوف،_تحت قيظ حار وبرد قارص _،ومن بين العوامل التي غيبت القضية في الفكر العربي الإنساني وهو أننا كصحراويين لم نهتم بالجانب العربي بما يكفي وإكتفينا بمتابعة تدهوره ووضعنا لأنفسنا طريقا ٱخر ،وحاولنا تسليط الرأي العام الدولي على المعاناة دون الدخول في الإطار العربية وإكتفينا بالهامش العربي الذي أقصانا دون أن نتدارك أن الحضور يصنع الصورة كاملة عند الغير،"الأنا الذي ليس أنا،هو الغير"،فلماذا لايكون الغير عربيا؟.
إن قضية بحجم الصحراء الغربية ،ومعاناة شعب لأكثر من أربعين عاما،كانت تنتظر منا توسعا في العطاء وإنفتاحا للٱخرالعربي،على كل المستويات،إعلاميا وثقافيا وفكريا،ولأن التاريخ هوالمادة التي لايفنى الإنسان بها،فإن قضيتنا تاريخيا تعتبر قضية عربية ولو كان المحتل فيها عربيا،وقد إنسجمت بعض الأوساط العربية الإعلامية أخيرا مع فكرة الثقافة والتوسع والإدماج،إلى الإهتمام بهذه القضية،وهذا ماذهبت إليه بعض الصحف المصرية الكبرى والتي كتبت مقالات داعمة وتعريفية ،بلغت حتى إثارة غضب المغرب والمغاربة على المصريين في أواخر العام المنصرم،فكتاب "الصحراءالغربية بعيون مصرية"كاد يسبب أزمة مصرية مغربية،تبنت من ورائه مجموعة من المدونين الشباب في تونس وليبيا الكتابة عن الموضوع،بشكل عفوي وملئ بالحرية،ولقد كان لي عبر تويتر عدة لقاءات مع مدونين ،كان من أبرزهم محمد رفراف،تونسي يكتب من باريس،قال "إن قضية الصحراء الغربية يجب أن تدافع عن نفسها معرفيا عربيا"،كلمته هذه وضعتني أمام جواب عن السؤال المطروح في المقدمة ألا وهو،أننا كصحراويين من كل فئات المجتمع يجب أن نعيد ترتيب الثقافة على أساس تعاط مع العرب أكثر وإندماج أكبر،لطالما نادى به مؤسس الدولة الصحراوية ،الشهيد الولي مصطفى السيد.
الثلاثاء، 16 فبراير 2016
العرب والقضية الصحراوية!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق