الأحد، 27 ديسمبر 2015

الوعي والإدراك إحدى إشكالات القضية

تحت إشراف مجموعة مثقفات صحراويات هذا المقال بعنوان :"الوعي والإدراك إحدى إشكالات القضية "

إن الوعي الذي يعكس إدراك الفرد للذات والبيئة المحيطة ,هو أيضا إتجاه عقلي يقوم على منطق الدراية بكل جوانب االقضية منها الايجابية والسلبية.
تعرف القضية الوطنية تراجعا ملحوظا على المستوى الادراكي,يرجع بعض منه إلى غياب سلطة العقل,والإنخراط بسلطة النفس,والدافع العاطفي فقط,مع أن العقل هو القوة المتهيئة لقبول العلم وقبول الفكرة,وقبول الوضع,بل هو إحدى مراتب العلم إلى النفس المدركة.
ولكي تتضح الصورة في التركيبة الذهنية لأي قضية,لابد من حضور العقل,ووضوح الفكرة يعني ردود الفعل؟ولأن العاطفة التي سرقتنا وتجعل كل مناا يغني على ليلاه!حتى أنه يخفي هوية ليلاه!تطرحنا أمام السؤال التالي,هل نحن قادرون على معالجة القضية من الجذر المشكلة؟أم أننا مازلنا عاجزين عن الحديث عن الجذر المشكلة؟.
وعي الإنسان الذي نطالب به ليس مخه ولكن المخ مجرد وسيلة ,فالوعي هو كينونة أخرى تعطي الأوامر للمخ للعمل,من هنا يمكن أن نقول أن الإدراك بالقضية هو فعل ذهني نختزله في المعرفة,فالذات المدركة هي التي تقوم بعملية التأويل والحسم من الناحية المنطقية,يمكن التمييز فيها بين الاحساس العاطفي والإحساس المتدارك الذي يقوم بعملية التلقي المنطقي لمضمون القضية,وإن إختلافا من حيث الطبيعة فقد إتفقا من حيث الوظيفة .

بيروكي الدولة

من روايتي الراحلون عن الياسمين

الوحدة,قد تجد نطقها على لسانك طراوة ما,وقد تشتف من معناه حالة ما,ولكن الأصح أن يكون النطق الوحدة الوطن,نعم لم أستغرق في إعتبار وحدتي وطنا,كل الذين من حولي غرباء مدينة بعيدة عن موطني وأهلي وأحبتي,نجالس فيها من إحتلو أرضنا ,نمتطي جواد الوقت لنتعلم,ونعود إلى المنزل محملون بعبئ يومنا,جدران وكتب وبعض الصور كذكرى تمر على البال وسرعان ماتتداخل مع حياتنا اليومية فتصبح من إحداها.
ذلك الوطن الذي نمارس عليه طقوس الطفولة,نشتاق فيه لكل شيء,للعب كرة قدم,لمغامرة ما عند أعتاب منزل جارنا,ندق الباب ثم نركض بسرعة,نعاودها مرات حتى نظحك كثير على منظر الرجل المسكين وقد باء غضبا,ثم نتسلل خلسة إلى دواليب الكبر,نجالس رجلا كبيرا ليشرح لنا,فنتعلم,ذلك الوطن الذي أصبح أما ثانية كلما إبتعدنا زاد الحنين إليه والشوق يعد النجوم كل ليلة ليلاقاه.
الراحلون عن الياسمين

عشق الياسمين

القصة إنتهت مفتوحة كما المعاناة التي لم تنتهي”عشق الياسمين”
في ذات يوم,وفي أحياء مدينة عربية,سماءها مليئة بالريح العاتية,ولدت ياسمين,من أب عربي وأم عربية,ولدت بعد عشق دام عشر سنين ,ثم زواج قارب العشرين عاما,وبعد عقم ظل مايقارب العشر سنين بعد الزواج.
تفاصيل حياتها اليومية كأحلامها تداعب بها البسطاء,ولدت من أم مريضة بالسكرب وأب فقد في بدايات الحرب,ظلت الأم تعمل دورها الطبيعي,لتزيد عليه بدور الاب,رغم ضعف الصحة ,لم يمنعها من ان تدرك إبنتها الهشة نفسيا من الضياع في دهاليز الحياة القبيحة التي تخيم على عالمنا.
طفلة الام الصغيرة في عينيها تكبر,والأرض التي من حولها تحرق,الأموات والغرباء يملؤون طرقات المدينة,ووحدة الذات هي من تتحدث,ذات ليلة,إشتد القصف وإشتد البرد,جديلة الياسمين ذابلة ربما تنتظر حزنا ما,أو ربما أحست برائحة الموت التي كانت تحوم في المكان,كانت عينايا ترقبان السماء,لتصادف رؤية جسم غريب يسقط على الارض,من شدة الإنفجار وقعت على الأرض مستلقية,على شلال من الدماء,كانت دماء أمي,تجمهر الجيران,لإنقادها,ولكن أبت الحياة إلا أن تهديني إحدى مأسيها,لتبدأ فصول مابعد الموت.
بالفعل ذهبت بعد الحادث إلى حيث لاأدري,إلى حلم ربماأجده بين زحام أوجاع المدينة,الى مكان خالي من كل شيء إلى من ذكرى الياسمين,الذي تركتها خلفي,أعلنت بعدها وفاة طفلة الياسمين,لتبدأ حياة طفلة التهجير.
كلمات وداع المدينة كانت تتمتم في داخلي وتقول لاب غائب:"طفلتك يأبي ماتت بين أحضان ياسمينها,فقط حينما وضعته على قبر أمي,أحسست فقط أنه أخذ كل الرائحة معها,هناك عرفت أن عشق للياسمين سيبقى عطرا بدون رائحة".
ودعت أرضي بألم الفقدان,والرحيل والدمار,تابعت طريقي في إتجاه مجهول,كم هومؤلم أن يترك المرء وطنه,ليعيش غربة الوطن,حينها أدركت أنني عاجزة على مقاومة حزني,أن فرحا كان فيا قد قتل ,وصلت إلى غربتي,صارت الأيام تمر ببطيء كئيبة,بالفعل تبخرت أحلامي عند حدود خيمتي الصغيرة,التي لاأغادرها إلا للضرورة,فنظرة الخوف تتملكني,تسرق أملي,إجتحاتني عاصفة من الخمول,لا عمل لي ولا قراءة أعد بها ساعات يومي,لاشيء سوى مخدة,بكائ,إنتحاربطئ ربما,أو أمل في موت يريحني.
طال زمن التهجير,زدت على عمري العشرين بعامين في اللجوء,كما طالت نكبة بلادي,وسرقت بذلك فرحة كانت منتظرة,وابتسامة من وجوه الاطفال,فإزداد الألم وتوسعت الجراح,كما توسع المخيم,خيمتان,لكل فرد,تواطنا في غير بلادنا ,هنا أحسست أنني ياسمينة ذابلة,تتوق لقطرة ماءتسقيها,بدل الدم الذي يسيل لإغراقها,ويرميها على شاطئ الحياة ,لتعطر أجواء هذا العالم برائحة التشرد.

طفل المخيم

لأننا نعاني في كل ذكرى من ألم فنحن نكتب لنشفى:
”ذكري اغتصاب الارض بعيون طفل المخيم”
شيء في داخلي يتألم دوما,يعتصرروحي كلما راودتني أخبار التاريخ,الأرض الأن محتلة تحت وطأة الجنود والمستوطنينين تسمع فيها,أذكر هذا اليوم جيدا,وأنتم تودعون بعض,حكايا اختي عنه,وحكايا الجدة والعم,لكل واحد فينا رسمت لحظات الوداع,في تجاعيد الكبار حكاية مرسومة لجرح الوطن,ومن أحلام أطفال التشرد نخيط صوغ الحكاية بوضوح ,أحلامهم بضوء مدينة بلادي المظلمة,لوعة الحرمان,شغف اللقاء,معاناة الشتات,وتمتمات الصباح الحزينة,كلها شواهد على هذا اليوم.
الحزن المدفون في ذاكرة هذا اليوم كطفل الخيمة,وهو يلاعب حدودها,ينتظر الغروب كما يترقب الفجر,فقسوة الاحتلال هي ذاتها _الإنتظار من بعيد وانت مكبل بكل مايحيط بك_الانتظار بعيدا عن الوطن,في لحظة تمنيت أن ألامس خذه هذا الصباح,أرسم معه الأحلام,أعانقه لنعبر الجدار,حيث يتغير الحلم وتنتهي الذاكرة عن سرد الالم,ويوزع ضحكاته على مدينتنا الحزية عندها سأكون أنا على مايرام ,وسنعيد هذا النور للوطن.

الليلة التي إنتهت فيها ثورة إكديم إزيك:

الليلة الاخيرة
ليلة الحرية الاخيرة,رياح الانعتاق,رغم ماكان يسود فيها من تلوث الا أننا إستطعنا أن ننشأ كيان ودولة على بعد كيلوميترات عن مدينتنا المحتلة.
إختل فيه توازن الرعب, ولكن الصبح كان قاسيا ,فشعور الحرية تبدد تحت سماء كانت تمطرنا بشتى القنابل التي تفرقنا,وهجوم الغزاة الذي غفلنل ربما,لأن التشكيك في الغفلة في مخيم اكديم ازيك صعب,وخصوصا حينما تسلل البعض منا وهرب ليلا.
لم نكن للأسف واعين اكثر بأن الفرص لا تأتي إلا مرة واحدة وليست متبعة ,وفرصة اكدبم ازيك لو كان الذي إحتضنها في اخر المطاف بحجم عظيم من الذكاء لكنا لا نندب حالنا ولا يعيرنا العرب أن ربيعا مر من أنفنا دون أن نشتمه,فماذا لو وقع؟لكانت رائحة الحرية تعطر جو مدينتنا التي يدنسها المحتل.

محاولة سفر

محاولة سفر
عزمت امرك للخروج من الذاكرة,وقفت في محطة القطار,تنتظر مكانا للركوب,أعدت كل أوراقك وكلماتك في حقيبة,كان حجمها صغيرا,لكنك نسيت أحرفي,التي ظلت تحفر في ذاكرتك,تسبح في كل قلبك,تفترش فكرك,كلما تأخر موعد القطار,إفترشت انت الارض لتنتظر القطار الموالي,وأنت تعرف أن الذاكرة التي تخرج منها ,قد لا تعود لها وللابد,وأن الارض التي تنام فيها ,ستكون أرحم من ذاكرة لم تجلب لها إلا الوجع.

قلم الحالمين

قلم الحالمين
كيف إستطتعت أن تمسك حرفك وانت العاجز عن إمساك حبك؟ظللت تعاني الغربة وتستوطن الخيبات,مسافر إلى مجهول وعائد من وجع,كنت كلما حدثتني وجدتك فيك الوجع ,ذكرتني أننا نتقاطع أمام الحزن,سردك لروايات حب الغربة يشبه الف ليلة وليلة,كنت تخشى موتا يشبه شهرزاد,فكلما طال الزمن ,إزدادت روايات العشق الممنوعة من الصرف,في مجتمع يرفض كل الروايات الغربية,بينما تغرب شمس اليوم تعود للنوم بين أحلامك السطحية ,تمسك قلمك تضع لك ,بين عتمات الليل ,سواد قاتما يعتريك ويحيط بك,كشخص وكإنسان وجد ضلاته في الغربة وفاقدا لحياته بين فجريات الارض .

الكتابة


الكتابة عن الرجل هي كتابة ادبية ليست وليدتي أنا،وأنا هنا ليست الذات الادبية،او ذات الغرور،الغرور لايصنع احد بالعكس،ينفر منك المحبة المحيطة فيك،والمثقف لايعني أنه ذلك المتعلم،بل القارئ الذي لايدع شيئا الا ويبحث عن فهمه وازمتنا ليست الجاهلية نحن غير قادرين على فهم الرواية،او اننا نقرؤها وفقا لمحيطنا المغلق فنحكم على الموضوع المروي كون انه لايمكن ان يخرج عن الجذب الترفي،ماذا لو استبدلنا المحيط بالمفتوح!
يجب ان نقرأ الصورة وفقا لمحيط واسع،لاحدود له،الكاتب هو الذي يقوم بتفصيله،القارئ لغادة السمان يجد ان المرأة التي احبت الرجل كانت  حاضرة في كتابتها ولم تكتفي بذلك حتى الغربة التي تعيشها وبعد الوطن ظل التقاطع الذي يربط الروايات مع بعضها،واحلام مستغانمي جزائربة الثورة كانت حاضرة في رواياتها وثورة الرجل انهال عليه النقد على الكتابة عن الرجل بتلك السوداوية وسئلت اكثر من مرة هل جرحت وهي تكتب،اجابت ان لا أحد يكتب من عدم،فالانسان سيكون حاضرا في كتاباتنا ولو لم نعش التجربة،تبقى تجربة الانسان الاخر دفعا لنا.
استشهادي هذا جاء لأنني لن اعيد ان تجربة رسائل الى رجل ديبلوماسي،فهي ليست تجربةمن عدم،والجرأة ماتنقصنا ولكن قصتي القصيرة"حب ثلاثي الابعاد"ستحاول ان تلامس الانسان،الذي بداخل اي كاتب،ليس بالضرورة انها حقيقية،ولكن الابداع لاحدود له بين الواقع والخيال يتواجد الانسان وهذه هي الرسالة.

٢٠١٥عام غادرتنا فيه الانسانية


٢٠١٥عام غادرتنا فيه الانسانية

في منتصف الطريق الواصلة بين الشام و الصحراء،كانت تسمى الصفة لاجئ كما يحلو للناس ان يسموها،أو كما فرضها الواقع الساقط،حسب المستندات الرسمية لبدايات هذه الصفة،والتي بدأت بفلسطين،واستمرت حتى وصلت أهلي في الصحراء الغربية ثم أخيرا اصبح المشهد سوريا.
غير بعيد عن الطريق،إلتقيا إيلان ومحمد ،هذا الأخير يدافع عن ارض ظلت محتلة أربعين عام،يعيش في منفى الارض الرملية تندوف،تتناثر الخيم عليها،١٩٠ ألف لاجئ صحراوي،يعانون صيفا قائظا الى خريف جارف،جاءت نتيجة احتلال وقتل وتدمير،لوطنه الصحراء الغربية سنة ١٩٧٥،اجتياح بربري تابعه اجتياح همجي اطلق عليه المسيرة الخضراء،ادى الى تهجيره وشعبه خارج الوطن،محملا بحقائب اوجاعه،وحاشرا فيها مافي خزائنه من عمره الصغير،ومافي أدراج الذاكرة من ألم ،ألبوم صور،كتبا،هدايا كانت ذكرى،ووجوه من أحبهم،ورسائل كتبت له،أخر نظرة لجارته العجوز,وقبلات صغار الحي الذين سيكبرون من بعده.
واضعا قدمه في فضاءات الأوجاع والأحزان،فلا يصل الى الى الوطن غير صدى أنين الخيمة التي زراها البحر يوما،لتطفو على ممرات طين المخيم،حكايات وجوه معذبة السنين،قد طال انتظارها لشمس فجر الحرية،التي تعزف للطفل الصغير اغنية الفرح الاكبر بالبحر حتى وإن زراه غرقا.
وأما طريق إيلان،فابتدأت بأمنية محمد،كانت الحياة في بيته السوري بسيطة،عائلة وارض ودراسة،فجأة اشتعلت النيران في كل مكان،غادر الفرح مكان ارضه،اصبح الدم هو النهر الذي يجري في شلالات الشام،فبدأت رحلته للبحث عن الأمان،فقرر أن يركب البحر هو وإبنه مروان،وصل إيلان الى إيجه بتركيا حيا،وظل يلتحف كيس أزبال ليحميه من المطر ،في انتظار المساء ليعبر لليونان،فإستغرقت الرحلة يوما،وفي مساء اليوم الموالي وعندما إقترب القارب من شواطئ اليونان،تعطل المحرك،فبدأ الماء يتسرب،وبدأ مروان ذو الأربع سنوات يستصرخ اباه لاتمت،والأب يحاول الدفع به ليطفو فوق الماء كي لايغرق،الا أن إرتطام القارب القوي بجرف جعله يسقط في عمق البحر،ماإن نزل ايلان لإنقاذ إبنه حتى وجده يلفظ انفاسه الاخيرة،ودع إيلان مروان وهو يقول "سنلتقي"،فقدر السوريين ان يموتو على الارض ليلتقو في السماء لقاء الشام الاخير.
مابين الطريقين،بشرية سقط منها اثنتا مليون لاجئ سوري،لايعرف شهيدهم من مفقودهم،وفي المشهد الاخر لاجئ منسي يعاني بألم خفي،يموت الكبير فيه ويبقى الصغير حامل همه،مابين الطريقين تواصل الانسانية كتابة العالم الجديد في كل عام،وان اختصرت المشهد مابين أرضي وسوريا،ففي بورما يحرق المرء حيا،وفي السودان يموت الانسان على اساس العرق،وفي الصومال تبيت الاف الاسر بلا مأكل أو مأوى،وفي العراق القتل طائفي،وفي جزر القمر لايوجد ماء،إننا نمشي ببطئ إذن لنقتل المستقبل،أو نرجع بسرعة لأيام الجاهلية.